شخصية يوناثان
يوناثان هو ابن شاول الملك الذي في أيامه عانى الشعب كثيرًا من ضغط الأعداء. ولأن شاول كان بلا إيمان، فقد عجز عن تخليص الشعب، وقويت يد الأعداء عليهم. لكن يوناثان لم يستسلم لليأس والإحباط بسبب الفشل المحيط به، إذ امتلأ قلبه بالثقة في الله وقدرته. ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل» (1صم 6:14). هذه كانت كلمات يوناثان المأثورة لحامل سلاحه، وهو يشجعه للتقدم إلى المعركة لإنقاذ شعب الله.
معنى الاسم: اسم عبري معناه "الرب أعطى"
من هو
يوناثان الأبن الأكبر لشاول الملك، وكان الوارث المنتظر للعرش لكنه لم يخلف أباه في الملك على بني إسرائيل . وهو من أنبل الشخصيات في العهد القديم، وأحبها وأقربها إلى القلب. وقد تجلت فيه روح الصداقة الحقة في أبهى معانيها. وعندما أدرك أن داود سيستولي على العرش لم يضمر له أي نوع من العداء والجفاء والحقد. وقلما نجد الصداقة يوناثان وداود مثيلاً في التاريخ (1 صم 18: 1 )
يوناثان رجل الحرب:
لقد أثبت يوناثان جدارته فى خدمة أبيه. فأول ما يرد ذكره، نراه فائتا على رأس ألف من الجنود في جبعة بنيامين بينما كان أبوه على رأس الفين من المقاتلين فى مخماس (1صمم 13: 2). وقد بادر يوناثان بالعمل بان ضرب نصب الفلسطينيين فى جبع (1صمم13: 3)، فأخذ الفلسطينيين على غرة، مما أثار غضبهم، فحشدوا قواتهم لمحاربة إسرائيل (1صمم13: 5)، "فأجتمع الشعب وراء شاول إلى الجلجال" (1صمم13: 4). ولكن غالبية الشعب اختبأوا فى المغاير والفياض والكهوف والآبار، وهرب البعض إلى ما وراء الأردن (1صمم13: 7.6)؛ مما أضطر معه شاول إلى الرجوع من مخماش، فكانت قوات شاول جميعها فى جبع. وعندها قرر يوناثان وحامل سلاحه أن يختبروا دفاعات الفلسطينيين (1صمم 14: 1)، ولا يذكر الكتاب كم من الوقت مضى بدون قتال، ولكن شاول ظل سبعة أيام فى انتظار مجئ صموئيل (13:
. وأرسل الفلسطينيون ثلاث جماعات من الغزاة إلى الشمال والغرب والشرق. ولعل ذلك كان لازعاج أسباط بني إسرائيل، وتشتيت قوات شاول قبل أن يستعد تماماً للمواجهة (1صمم 13: 18.17). فعبر يوناثان وادياً عميقاً بين سن صخرة بوصيص وسن صخرة سنة، ما بين مخماش وجبع (1صمم14: 5.4)، وتأكد يوناثان من دعوة خفظه الفلسطينيين له بالتقدم إليهم، فهجم على معسكر الفلسطينيين وقتل نحو عشرين رجلاً منهم (1صمم 14: 8-14). وقد نبه الاضطراب الذى حدث بمعسكر الفلسطينيين شاول وقواته التى كانت تتكون من ستمائة رجل، وانضم إليهم العبرانيون الذين كانوا أسرى مع الفلسطينيين، وكذلك جميع رجال إسرائيل الذين كانوا قد اختبأوا فى جبل افرايم، وهجم الجميع على الفلسطينيين، فهربوا أمامهم. "مخلص الرب إسرائيل فى ذلك اليوم" (1صمم 14: 23).
وفى أثناء القتال، حلف شاول الشعب ألا يأكل أحد منهم شيئاً إلى المساء حتى ينتقم من أعدائه (1صمم 14: 24)، ولم يكن يوناثان يعلم بهذا القسم، فأكل شيئاَ من العسل وجده فى طريقه (1صمم14: 27).
واكتشفت خطية يوناثان، وأراد أبوه أن يقتله تنفيذاً للحلف، ولكن الشعب افتداه (1صمم14: 45).
يوناثان الصديق الوفى:
مع أن شاول ظل فى حروب متواصلة مع موآب وعمون وأدوم وملوك صوبة والفلسطينيين، فإنه لا يذكر شئاً آخر عن أعمال يوناثان الحربية،إلى أن قتل مع أبيه وأخويه أبيناداب وملكيشوع، في موقعه جبل جلبوع (1صمم 31: 1-4). ولكن بدت أصالة يوناثان فى مجال آخر، مجال الصراع على السلطة بين أبيه شاول وداود. فقد تقابل يوناثان مع داود بعد نجاح داود في قتل جليات، وأحبه كنفسه (1صمم 18:1). ولقد بلغت صداقته لداود ذروة لم تبلغها صداقة أخرى، ولم يكن فى ذلك أى مكسب له، بل بالحرى خسارة كل شئ. ويسجل الكتاب ثلاثة عهود قطعها الاثنان معاً: ففى أول مقابلة قطع يوناثان عهداً مع داود لأنه أحبه كنفسه، وخلع جبته وأعطاها لداود مع ثيابه وسيفه وقوسه ومنطقته (1صمم 18: 4.3). ثم عندما اشتد العداء بين شاول وداود بسبب نجاح داود حربياً وتزايد شهرته، تدخل يوناثان واقتنع أباه بسلامة موقف داود، فسمع شاول ليوناثان وحلف أنه لن يقتل داود (1 صمم 19: 1-6). ولكن ثبت أن شاول لم يكن مخلصاً فى وعده بعدم قتل داود، اذ انتهز فرصة وجود داود أمامه، وحاول أن يطعنه بالرمح، لكنه فر من أمامه ونجا. وهكذا عرف يوناثان حقيقة نية شاول أبيه من نحو داود، وقطع عهداً مرة ثانية مع داود (1صمم 20: 14-17) وقد حفظ داود هذا العهد (أرجع إلى 2صمم9).
ولما بدأ شاول في مطاردة داود في برية زيف، ذهب يوناثان إليه فى البرية، وشدد يده بالله قائلاً له : إنه لابد أن يملك على إسرائيل ويكون هو ثانياً له، وقطع كلاهما عهداً لثالث مرة أمام الرب (1صمم23: 15-18).
مقتل يوناثان:
ظل يوناثان- رغم وضعه الحرج بالنسبة لأبيه - وفيا لداود، إلى أن سقط قتيلاً مع أبيه وأخويه في موقعه جبل جلبوع. وقد قام سكان يابيش جلعاد يأخذ اجساد شاول وبنيه الثلاثة، إلى سور بيت شان، وجاءوا بها إلى يابيش ودفنوها تحت الأثلة في يابيش (1صمم 31: 11-13). وبعد ذلك نقل داود عظام شاول ويوناثان، ودفنها في قبر قيس فى صيلع في أرض بنيامين (2صمم 21: 12-14).
ذريته يوناثان :
لم يترك يوناثان وراءه سوى ابن واحد هو "مفيبوشت" (2صمم 4:4) وقد أحسن داود إلى مفيبوشت من أجل يوناثان أبيه.
اعداد القس / هانى كرم عطية