(10) شخصية لوط
لوط شخصية بارزة في الكتاب المقدس لصلته بإبراهيم خليل الله ورفقته له . فلوط هو ابن "هارون" أخى إبراهيم الأصغر ( تك 11 : 27 و 31 و 12 : 5). وقد وُلد لوط في أور الكلدانيين. وقد هاجر مع جده تارح وعمه إبراهيم وزوجته سارة إلى حاران ومنها إلى كنعان .
معنى اسم لوط :
"غطاء" أو "ستر" ( وفي المعجم العربي : "لاط الشيء" أخفاه )
ويمكن تلخيص قصة حياته في النقاط الخمس الآتية :
1 – لوط يسير مع ابرام
عندما مات أبوه في "أور الكلدانيين" . أصبح في رعاية جده تارح فهاجر معه ومع عمه أبرام إلى حاران إلى أن مات تارح فانتقل مع عمه أبرام إلى كنعان حيث توقفوا في بضعة مواقع أقاموا فيها مذابح وقدموا ذبائح للرب في شكيم ، وفي بيت إيل قبل أن يستقروا في بئر سبع ( تك 11 : 27-32 ، 12 : 4-10 ، 13 : 1 ).
وواضح من تك 13 : 1 أن لوطاً رافق أبرام وسارة في النزول إلى مصر هرباً من المجاعة في كنعان وبعد العودة من مصر . استقر أبرام وجماعته بالقرب من بيت إيل ( تك 13 : 3 ).
2 – افتراق لوط وابرام
تكاثرت مواشي أبرام ومواشي لوط "فحدثت مخاصمة بين رعاة مواشي أبرام ورعاة مواشي لوط .. فقال أبرام للوط : لا تكن مخاصمة بيني وبينك وبني رعاتي ورعاتك" وبخاصة أنهما كانا يواجهان الكنعانيين والفرزيين الذين كانوا مازالوا ساكنين في الأرض ( تك 13 : 7 ) . فعرض أبرام على لوط أن يختار الأرض التي يريدها فاختار لوط دائرة الأردن لأنها كانت أرضاً جيدة الري "كجنة الرب كأرض مصر" . فسكن لوط في "مدن الدائرة" ، ونقل خيامه إلى سدوم . وكان أهل سدوم أشراراً وخطاة لدى الرب جداً" ( تك 13 : 10-13 ) . لقد كانت نظرة إبراهيم – في هذا الاختيار – أسمى روحياً ( تك 13 : 14-18 ) .
3 – لوط يصبح اسير:
أصبحت هذه المنطقة المحيطة بالبحر الميت هدفاً لغارات أربعة ملوك ( أو شيوخ قبائل ) من الشرق . وفي إحدى هذه الغارات هزم كدر لعومر وحلفاؤه ملك سدوم وحلفاءه الأربعة ( تك 14 : 1-16 ) ونهبوا سدوم وأسروا لوطاً وأملاكه . وعندما وصل خبر ذلك إلى أبرام أخذ غلمان بيته المتمرنين على القتال وتبع الغزاة إلى حوبة التي عن شمال دمشق وأخذهم على غرة فكسرهم واسترجع لوطاً وأملاكه.
4 – انقاذ لوط من سدوم
لم يكتف لوط بالسكن في دائرة الأردن بل شيئاً فشيئاً زحف إلى سدوم ودخل إليها واستقر فيها . ولشرها العظيم قرر الرب أن يهلكها . وتوقف ثلاثة ملائكة – وهم في الطريق إلى سدوم – عند خيمة إبراهيم ليخبروه بوجهتهم . وتوسل إبراهيم من أجل المدينة ولكن لم يكن فيها عشر أبرار وهكذا تقرر مصيرها . وسار اثنان من الملائكة إلى سدوم لتحذير لوط وإنقاذه . وقد قابلهما لوط بالكرم الشرقي المعهود واستضافهما في بيته . ولم يكن لوط إلا متغرباً في سدوم وعندما حاول حماية ضيوفه من الشهوات الفاجرة لأهل سدوم اتهموه بأنه يريد أن يحكم حكما ( تك 19 : 9 ) . فعرض في سبيل حماية ضيفيه أن يُخرج لهم بنتيه ، إلى الجموع الهائجة لإشباع غرائزهم الجامحة . ولكن رجال المدينة أصروا على غرضهم وأرادوا أن يكسروا الباب ليأخذوا الرجلين . ولكن الملاكين ضرباهم بالعمي . ثم حذر الملاكان لوطاً من الدينونة الوشيكة بخراب سدوم ، وحثاه على مغادرة المدينة قبل فوات الوقت. ولم يكن للوط أي تأثير على أصهاره عندما حاول حثهم على مغادرة المدينة معه بل كان كمازح في أعينهم ( تك 19 : 14 ) . ولما تباطأ لوط في الخروج من المدينة "أمسك الملاكان بيده وبيد امرأته وبيد ابنتيه – لشفقة الرب عليه – وأخرجاه ووضعاه خارج المدينة" ( تك 19 : 15 و 16 ) . وعندما نظرت امرأته إلى الوراء مخالفة بذلك أمر الملاكين تحولت إلى "عمود ملح" ( 19 : 26 ، لو 17 : 29 ).
وواضح أن إنقاذ لوط كان من فضل الله الذي "ذكر إبراهيم وأرسل لوطاً من وسط الانقلاب" ( تك 19 : 29 لو 17 : 28 و 29 ، 2بط 2 : 7 و 8 ).
5 – هروب لوط من سدوم
لقد طلب لوط من الملاكين أن يلجأ هو وابنتاه إلى صوغر بالقرب من الطرف الجنوبي الشرقي للبحر الميت ، فلم يصبها ما أصاب مدن الدائرة من الدمار بالنار والكبريت . ولكن يبدو أن لوطاً خشى أن يصيبها ما أصاب مدن الدائرة ، فتركها وأقام في مغارة في الجبل . وإذ يئست الابنتان من أن تجد لهما زوجين لإبقاء نسل لأبيهما . دبرتا حيلة بها تحبلان من أبيهما ، فأسكرتا أباهما في ليلتين متعاقبتين ، واضطجعت كل منهما بدورها مع أبيها دون أن يدري . وواضح أن الابنتين خرجتا مع أبيهما من سدوم ، لكن سدوم وشرورها لم تخرج منهما . وكانت نتيجة هذه الفعلة القبيحة ، أن حبلتا فعلاً من أبيهما "فولدت البكر ابناً ودعت اسمه موآب وهو أبو الموآبيين .. والصغيرة أيضاً ولدت ابناً ودعت اسمه بن عمي . وهو أبو العمونيين" ( تك 19 : 30-38 ) . وكان الموآبيون والعمونيون من ألد أعداء شعب إسرائيل طوال تاريخهم القديم.
وبالرغم من كل ضعفات لوط ، فإن الرسول بطرس يكتب عنه ، أن الرب "أنقذ لوطاً البار مغلوبا من سيرة الأردياء في الدعارة . إذ كان البار ، بالنظر والسمع وهو ساكن بينهم ، يعذب يوماً فيوماً نفسه البارة بالأفعال الأثيمة . يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين معاقبين" ( 2بط 2 : 7-9 ).
وقد أشار الرب إليه قائلاً : "كما كان في أيام لوط ، كانوا يأكلون ويشربون ، ويشترون ويبيعون ، ويغرسون ويبنون . ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم ، أمطر ناراً وكبريتاً من السماء فأهلك الجميع . هكذا يكون في اليوم الذي فيه يظهر ابن الإنسان" ( لو 17 : 28-37 ).
اعداد القس/ هانى كرم عطية
راعى كنيسة الايمان بمنهرى