19-شخصية موسى
أولاً :-معنى الاسم :
"موسى" في العبرية يغلب أنه مشتق من كلمة تعني "ينتشل" لأن ابنة فرعون "انتشلته من الماء" (خر 2: 10). أما في اللغة المصرية القديمة فمعناه "ابن"،. ويذكر اسم موسي أكثر من 750 مرة في العهد القديم، 79 مرة في العهد الجديد، وجميعها تشير إلى "موسى" القائد والمشرع والنبي العظيم، فلا يطلق هذا الاسم على شخص آخر في الكتاب المقدس.
ثانياً :-الظروف التي ولد فيها موسى :
ينتقل بنا سفر الخروج من موت يوسف وتحنيطه ووضعه في تابوت مصر، في نهاية سفر التكوين، وكان يوسف هو الذي أتى ببني إسرائيل إلى مصر، ينتقل بنا سفر الخروج من هذا الموقف، إلى زمن ولادة موسى الذي أخرج بني إسرائيل من العبودية في مصر. وفي ما بين التاريخين "أثمروا وتوالدوا ونموا وكثروا كثيراً جداً، وامتلأت الأرض منهم" (خر 1: 7).
"ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف"، فثارت المخاوف في نفسه من تكاثر بني إسرائيل خشية أن ينضموا إلى الأعداء إذا قامت حرب في أي وقت، فاتخذ إجراءات قاسية للقضاء عليهم. فأمر قابلتي بني إسرائيل أن تقتلا كل ابن يولد للعبرانيات، ولكن القابلتين خافتا الله ولم تفعلا ما أمرهما به الملك، فأمر فرعون جميع شعبه قائلاً: "كل ابن يولد تطرحونه في النهر، لكن كل بنت تستحيونها" (خر 1: 8-22 )
وفي هذه الظروف وُلد موسى. ويذكر سفر الخروج اسم المدينتين اللتين بناهما بنو إسرائيل لفرعون واسم القابلتين ، ولكنه لا يذكر اسم فرعون ولا اسم ابنة فرعون التي تبنّت موسى.
ثالثاً:- الأربعون السنة الأولى من عمر موسى :
(1)- مولده : مما يستلفت النظر أن تروى قصة ميلاده دون أن يذكر اسما أبويه اكتفاء بالقول: "وذهب رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي" (خر 2: 1)، فلا يذكر اسماهما إلا في الأصحاح السادس، وهما عمرام بن قهات، ويوكابد عمته (خر 6: 20). ثم تأتي عبارة "فحبلت المرأة وولدت ابناً" (خر 2:2)، مما قد يفهم منه أن هذا الابن كان ابنها الأول، ولكننا نعرف أنه كان له أخت أكبر منه، كانت تحرس السفط الذي فيه وضعته أمه بين الحلفاء (خر 2: 4)، وكان لدى هذه الأخت من الحكمة ما جعلها تنتهز الفرصة لتجعل من أم موسى مرضعة له، كما نعرف أيضاً أن أخاه هارون كان يكبره بثلاث سنوات (خر 7:7)، مما يدل على أن أمر فرعون بقتل أولاد العبرانيين صدر بعد ولادة هارون وقبل ولادة موسى.
وما أعجب تدبيرات الله، إذ تقول ابنه فرعون لأم موسى: "اذهبي بهذا الولد وارضعيه لي وأنا أعطي أجرتك" (خر 2: 9). كما أن ابنة فرعون تصبح راعية للطفل العبراني الذي سيخلص بني إسرائيل من العبودية في مصر، بل وتصبح أماً له.
(2)- طفولته : "ولما كبر الولد جاءت به ابنة فرعون فصار لها ابناً" (خر 2: 10). ولعل الأم حفظت الولد سنتين أو ثلاث سنوات أو ربما إلى ما بعد ذلك، وفي تلك الأثناء كانت تحضره – بين وقت وآخر- إلى ابنة فرعون باعتباره ابنها. ولكن أمه كانت تغرس فيه المحبة والولاء لإلهه ولشعبه. ولكننا في الحقيقة لا نعلم شيئاً عن تفاصيل هذه السنوات الهامة في تشكيل شخصيته.
(3)- حياته فى مصر : "وحدث في تلك الأيام، لما كبر موسى" (خر 2: 11). وهذه الفترة عبارة عن 40 سنه ويقول استفانوس عن هذه الفترة إن موسى "تهذب بكل حكمة المصريين، وكان مقتدراً في الأقوال والأعمال" (أع 7: 22)، مما يتضمن أن موسى تلقى من التعليم ما كان يليق بأمير مصري أن يتلقاه. "وحدث في تلك الأيام ان خرج موسى "إلى أخوته لينظر في أثقالهم فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من أخوته، فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد، فقتل المصري وطمره في الرمل" (خر 2: 11 و12). وكان هذا أول شئ قام به موسى تعبيراً عن ارتباطه "بأخوته" بشعبه (عب 11: 23و 24).
(4)- الهروب : "ثم خرج في اليوم الثاني، وإذا رجلان عبرانيان يتخاصمان"، فأراد أن يصلح بينهما، فإذا بالمذنب يقول له: "من جعلك رئيساً وقاضياً علينا؟ أمفتكر أنت بقتلي كما قتلت المصري؟" (خر 2: 14). وتبدو المأساة واضحة في كلمات استفانوس : "فظن أن أخوته يفهمون أن الله على يديه يعطيهم نجاة. "أما هم فلم يفهموا" (أع 7: 25). وهكذا اضطر موسى أن يهرب لحياته، إذ عندما "سمع فرعون هذا الأمر"، "طلب أن يقتل موسى فهرب موسى من وجه فرعون" (خر 2: 15).
اعداد القس/ هانى كرم عطية
راعى كنيسة الايمان بمنهرى