شخصية زربابل بن شالتيئيل
أول قائد لأول جماعة من المسبيين ترجع من بابل إلى أورشليم، وقد عيّنه كورش، ملك فارس، حاكمًا للشعب في يهوذا (عزرا 1؛ 2)
أدَّب الرب بني إسرائيل قديمًا بالسبي في بابل لمدة سبعين سنة، من السنة الأولى لنبوخذ نصر ملك بابل حتى السنة الأولى لكورش ملك فارس. وعند نهاية السبعين سنة، استخدم الرب كورش الفارسي لإصدار قرار بعودة من يرغب من الشعب إلى أورشليم. وكان هذا سنة 536 ق.م. تقريبًا. ورجع أولاً حوالي 50 ألفًا من الشعب مع زربابل (عزرا 65،64:2). ثم بعد ذلك رجع حوالي 1800 مع عزرا )عزرا 1:8-14). وأخيرًا رجعت بقية أخرى مع نحميا ) نحميا 3،2)
معنى الاسم : اسم أكادي معناه "زرع بابل" أو "المولود في بابل"
وكان حاكمً ليهوذا بعد السبي، وهو من أحفاد يكنيا الملك. وقد رجع عدد من اليهود من بابل بقيادة زربابل ويشوع رئيس الكهنة. وقد عين ملك فارس وزربابل والياً علي أورشليم (عز 2: 2، نح 7: 6, 7، 12: 1). لقد سمح المرسوم الذي أصدره كورش ملك فارس في 538 ق.م. لليهود بالرجوع إلي أورشليم (2 أخ 36: 22, 23، عز 1: 1-4).
وأقبل الراجعون من السبي بقيادة زربابل ويشوع بكل حماسة علي إعادة بناء الهيكل في أورشليم، فبنوا اولاً "مذبح إله إسرائيل ليصعدوا عليه محرقات… وأقاموا المذبح مكانه… وأصعدوا عليه محرقات الصباح والمساء وحفظوا عيد المظال كما هو مكتوب… كالمرسوم أمر اليوم بيومه" (عز 3: 1-6).
أعد الراجعون من السبي كل ما يلزم لإعادة بناء الهيكل، وفي السنة الثانية لرجوعهم إلي أورشليم، وضع زربابل أساسات الهيكل باحتفال عظيم وشرعوا في ذلك العمل الضخم (عز 3: 8-13، زك 4: 9).
وقد أثار هذا العمل أهل السامرة فجاءوا إلي زربابل عارضين عليه الاشتراك معهم في العمل ولكن "زربابل ويشوع وبقية رؤوس آباء إسرائيل" رفضوا هذا العرض وقالوا لهم: "ليس لكم ولنا ان نبني بيتاً لإلهنا، ولكن نحن وحدنا نبني للرب إله إسرائيل كما أمرنا الملك كورش ملك فارس. وكان شعب الأرض (السامريون وحلفاؤهم) يرخون أيدي شعب يهوذا ويذعرونهم عن البناء. واستأجروا ضدهم مشيرين ليبطلوا مشورتهم كل أيام كورش ملك فارس وحتي ملك داريوس وملك فارس" (عز 4: 1-5). وكتبوا شكوي ضد اليهود واستعدوا عليه الولاة الذين رفعوا شكوي ضد اليهود إلي أحشويرش الملك ثم إلي ارتحشستا ملك فارس، فأمر بإيقاف اليهود عن العمل (عز 4: 6-24). وهكذا توقف العمل من أواخر أيام الملك كورش (حوالي 530 ق.م.) إلي السنة الثانية لداريوس العظيم (حوالي 520 ق.م.- عز 4: 24).
وفي السنة الثانية لداريوس الملك، بدأ النبيان حجي وزكريا في خدمتهما للشعب الذي كان قد أهمل بناء بيت الله، واهتموا ببناء بيوت فاخرة لأنفسهم (حجي 1: 1-6)، ولكن النبيين حرضا الشعب وشجعاه لاستكمال العمل في بناء بيت الله، فنهض الشعب مرة أخري بقيادة زربابل ويشوع وشرعوا في استكمال البناء، وسرعان ما بدأت المقاومات من جديد من ولاه عبر النهر تتناي وشتربوزناي ورفقائهما، وكتبوا شكوي مشابهة للشكوي السابقة، ورفعوها إلي داريوس الملك. ولكن داريوس أمر بفحص الأمر فوجدوا في خزائن الملك المرسوم الذي أصدره كورش الملك من جهة بيت الله في أورشليم، فأصدر داريوس الملك أوامره لهؤلاء الولاة ان يتركوا اليهود يبنون بيت الله وأن يقدموا لهم المساعدات والمواد اللازمة لإكمال العمل (عز 6: 1-12).
واخيراً كمل بناء الهيكل في اليوم الثالث من شهر آذار في السنة السادسة من ملك داريوس الملك (عز 6: 15) أي في 516 ق.م. وتم وعد الرب لزربابل علي فم زكريا النبي: "إن يدي زربابل قد أسستا هذا البيت فيداه تتممانه" (زك 4: 9). وقد أقاموا حفلاً عظيمً لتدشين بيت الله (عز 6: 16- 22، نح 12: 47). ولا نعود نسمع شيئاً عن زربابل بعد ذلك، وإن كان الأرجح أنه ظل والياً علي يهوذا بضع سنوات أخري.
اهتمام زربابل
وقد كان اهتمام زربابل الأول هو بناء هيكل الرب. فلم يَقُم أولاً بأية اصلاحات سياسية أو اجتماعية، إذ أدرك الأهمية القصوى لإعطاء الرب حقه. ويقول الكتاب إنهم بنوا المذبح ليصعدوا عليه محرقات، وأقاموا المذبح في مكانه، لأنه كان عليهم رعب من شعوب الأراضي، وأصعدوا عليه محرقات للرب، وحفظوا عيد المظال كما هو مكتوب.
قام زربابل بهذا العمل العظيم رغم المفشلات الكثيرة التي واجهته:
1ـ فقد كانوا جماعة قليلة العدد وضعيفة الإمكانيات، إلا أنه «ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل» (1صمو41 :6(
2ـ كانت أورشليم في حالة خراب شديد، إذ كانت أسواراها منهدمة وجميع قصورها محروقة، وكان الهيكل حطامًا إذ كان قد أُحرق بالنار، لكن هذا المشهد لم يُفشِّله، وكأنه يرفع الشعار: «لأن الله لم يعطنا روح الفشل 2) تيمو 1 :7(
3ـ كانوا محاطين بأعداء كثيرين أعظم وأقوى منهم، لكن زربابل لم يضع اعتبارًا لرعبهم، بل تشدد بالرب وكأنه يقول «الرب معين لي فلا أخاف. ماذا يصنع بي إنسان؟» (عب31 :6 )
الله يشجع زربابل ليكمل العمل
عندما توقف العمل عدة سنوات، أرسل له الرب رسائل مشجعة بواسطة حجي وزكريا النبيين.
* حجي2 :4، 5 «فالآن تشدد يا زربابل يقول الرب... واعملوا فإني معكم يقول رب الجنود، حسب الكلام الذي عاهدتكم به عند خروجكم من مصر، وروحي قائم في وسطكم. لا تخافوا».
* زكريا 4 :6-10 «هذه كلمة الرب إلى زربابل قائلاً: لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود. من أنت أيها الجبل العظيم؟ أمام زربابل تصير سهلاً». كانت الصعوبات تعترض طريقه كالجبل الشامخ، والرب لم يطلب منه أن يتجاهلها بل أن يتحول عنها إلى الرب وقدرته. إن الثقة في الرب ليست أن نتجاهل الصعوبات أو نهرب منها، بل أن نستحضر الرب في مواجهتها. أ لم يعلِّمنا المسيح، «الحق أقول لكم: لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم» (متى 17 :20)
* وكانت إليَّ كلمة الرب قائلاً: إن يديّ زربابل قد أسستا هذا البيت فيداه تتممانه... لأنه من ازدرى بيوم الأمور الصغيرة» (زكريا 4 :8-10 ( كان هذا وعدًا صريحًا من الرب أنه سيتمم بناء البيت وسيكمل ما بدأه. يبدو أنه في البداية شعر بضآلة العمل وربما أحس بصغر النفس، لكن الرب يضع مبدأ هامًا: إلا نزدري بالخدمة البسيطة، فيومًا لا بد أن نرى أثمارًا ونتائج عظيمة.
القس هانى كرم