( 32 ) شخصية يفتاح الجلعادى
على الرغم من أن حياته لم تخل من الشوائب فقد رأى فيه صموئيل النبى كاتب سفر القضاة دليلاً على أمانة الرب في إتمام وعده بإقامة منقذ لبني إسرائيل ( 1 صم 12: 11 ) ورأى فيه كاتب الرسالة إلى العبرانيين رجلاً من رجال الإيمان ( عب 11: 32 (
معنى الاسم
اسم عبري معناه " يفتح " او " الرب يفتح "
من هو يفتاح
كان يفتاح ابناً غير شرعى لجلعاد ( قض 11 : 1 ) يرى البعض ان المقصود هنا بانه ابن امراة زانية اى وثنية والبعض الاخر يرى انه ابن غير شرعى اى اتى بطرقة غير شرعية ولكن هو برى من هذه الخطية ولا ذنب له بها فالذى اخطا هو ابوه وهناك وصية بعدم دخول ابن الزنى فى جماعة الرب اى فى المجمع ولكن هذا لا يمنع من قيادة الجيش ولا يحرمه من دخوله السماء لقد كان رجل تقى وحل عليه روح الرب ولكن لذلك لما كبر أبناء جلعاد من زوجته الشرعية طردوه لكي لا يرث معهم في بيت أبيهم فهرب يفتاح منهم وأقام في أرض " طوب " وكانت دولة أرامية صغيرة في شرقى الأردن ( قض 11 : 3 و 5 ) إلى الشرق من راموت جلعاد. وهناك أصبح زعيما لعصابة من قطّاع الطرق.
يفتاح والنذر المغلوط
وعندما حارب بنو عمون إسرائيل ذهب شيوخ جلعاد إلى يفتاح في أرض طوب وطلبوا منه أن يكون قائداً لهم في حربهم مع بني عمون فرفض في البداية لأنهم سبق أن أبغضوه وطردوه من بيت أبيه ( مما يحمل على الظن بأن أخوته كانوا بين أولئك الشيوخ ) فوعدوه بأن يكون رأساً لكل سكان جلعاد. فقبل أن يكون قائداً لهم فى حربهم ضد بني عمون. وصدقوا على ذلك الاتفاق أمام الله في المصفاة ( قض 11 : 11 ).
وبعد أن فشلت مفاوضات السلام مع ملك بني عمون حل روح الرب على يفتاح فعبر إلى بنى عمون وقبل بدء القتال نذر للرب قائلا " إن دفعت بني عمون ليدي فالخارج الذي يخرج من أبواب بيتى للقاني عند رجوعى بالسلامة من عند بني عمون يكــون للرب وأصعده محرقة " . وكان الرب معه فضرب بني عمون ضربة عظيمة جدّاً ( قض 11 : 29 - 33 ).
يفتاح يقدم ابنة نذر
وعندما عاد يفتاح إلى بيته وإذا بابنته الوحيدة خارجة للقائه بدفوف ورقص فلما رآها مزق ثيابه وقال : آه يابنتي لقد أحزنتينى حزنا وصرت بين مكدري لأني قد فتحت فمي للرب ولا يمكننى الرجوع . فقالت له : يا أبى : هل فتحت فاك إلى الرب فأفعل بى كما خرج من فمك بما أن الرب قد انتقم لك من أعدائك بنى عمون " ثم قالت لأبيها : فليفعل لى هذا الأمر . اتركني شهرين فأذهب وأنزل على الجبال وأبكي عذراوتي أنا وصاحباتي . فقال "اذهبى وأرسلها إلى شهرين. فذهبت هي وصاحباتها وبكت عذراوتيها على الجبال فلقد كان أكبر عار على الفتاة فى إسرائيل قديماً أن تموت دون أن تتزوج وتلد. وعند نهاية الشهرين " رجعت إلى أبيها ففعل بها نذره الذي نذر وهى لم تعرف رجلاً " ( قض 11 : 34 - 39 )
وكان تقديم الذبائح البشرية للآلهة أمراً شائعاً عند الشعوب الوثنية ولكن كان منهياً عنه تماماً فى الشريعة اليهودية ( لا 18 : 21, خر 13 : 13 ) . ولكن يبدو أن يفتاح كان يجهل أو تجاهل ما كانت تأمر به الشريعة كما فعل بعض ملوك يهوذا بعد ذلك ( 2 مل 16 : 7 ، 21 : 6 ) مما استجلب غضب الرب عليهم.
يفتاح يحارب بنى افرايم
كما أن يفتاح حارب الأفرايميين لأنهم عتبوا عليه عدم دعوته لهم للحرب ضد بني عمون وهددوه بحرق بيته عليه ولكن يبدو أنه كان قد دعاهم ولكنهـم لم يلبوا دعوته (قض 12 : 1 - 3 ). ولكن لما انتصر على بني عمون ملأتهم الغيرة وأرادوا أن ينسبوا التقصير إليه. فجمع يفتاح كل رجال جلعاد وحارب أفرايم فانهزموا أمامه وهربوا يريدون عبور الأردن إلى موطنهم في الغرب فأخذ الجلعاديون مخاوض الأردن للامساك بالهاربين من أفرايم وكانوا يكتشفونهم بأن طلبوا من كل من يحاول عبور الأردن أن ينطق بكلمة " شبولت " فأن نطقهـا " سبولت " ( بابدال الشين سيناً ) كانوا يعرفون أنه أفرايمي فيقتلونه على مخاوض الأردن. فسقط فى ذلك الوقت من أفرايم أثنان وأربعون ألفاً ( قض 12 : 1 - 6 ).
" وقضى يفتاح لإسرائيل ست سنين " ثم مات ودفن في إحدى مدن جلعاد ( قض 12 : 7 ).
دروس روحية من شخصية يفتاح
1ـ لا تستطيع تغير ماضيك لكنك تستطيع التغلب عليه, وعند رجوعنا للرب بالتوبة يمحو ماضي حياتنا ويجعل حاضرنا أفضل ( كان يفتاح ابن غير شرعي ثم صار زعيما لعصابة من قطّاع الطرق)
2ـ الله يرى استعدانا للقيام بالخدمة لذلك يدعونا فى الوقت المعين من قبله.( جاء الشيوخ ليطلبوا من يفتاح ان يقودهم ويخلصهم وهذه فرصة للقيام بعمل الله فى الحاضر وهذا توقف على قبول يفتاح للمهمة.
3ـ يجب ان نبذل ما فى وسعنا فى حفظ السلام قبل الالتجاء للحرب ( لقد ارسل يفتاح الى بنى عمون للتفاوض على السلام معهم لكنهم رفضوا)
4ـ الله يعطينا روحه ليؤهلنا للخدمة لان بدون روح الرب لا يقدر الجبار أن يفعل شيء( لقد حل روح الرب على يفتاح لكي يتمكن من النصرة على أعداءه )
5ـ يجب علينا ان لا نتسرع فى الكلام واخذ القرارت ( تسرع يفتاح ونذر نذرا مخالف لشريعة الله لم تكن هذه محرقة تسر قلب الرب ولكن كانت أمر يسيء إلى الله الذي لا يقبل ذبائح بشرية)
6ـ المتكبرون لا يطلبون نجاح العمل بل نجاح انفسهم ( هذا ما عمله بنو افرايم عندما قاوموا يفتاح بعد نجاح الحرب والنصرة على بنى عمون)
7ـ كثيرون ينتقدون عملا وهم لايقدرون ان يعملوا احسن منه ( قالوا رجال افرايم ليفتاح لماذا عبرت لمحاربة بنى عمون ولم تدعنا للذهاب معك. قال لهم يفتاح ناديتكم فلم تخلصونى انا وشعبى من يد بنى عمون )
اعداد القس / هانى كرم عطية
راعى كنيسة الايمان بمنهرى