حياة دانيال
نقرأ في سفر دانيال عن قصة حياة شاب أُخذ أسيراً إلى بلد غريب وهو مازال في عمر المراهقة.
فقد كان دانيال من أحد الشبان الذين أُُسِروا من أورشليم بواسطة الملك نبوخذنصر إلى بابل. وكان من الشرفاء، أي من أسرة تنتمي إلى العائلة المالكة ( نسل الملك حزقيا )، وقد أخذ كأسير إلى بابل عندما كان عمره حوالي 15 سنة ووضع في برنامج تدريب مكثف استمر مدة ثلاث سنوات ليخدم في قصر الملك. كما تمَّ أيضاً تغيير اسمه من "دانيال" الذي معناه "الله ديّاني" إلى "بلطشاصّر" الذي معناه "احفظ حياته أيها البعل" ( البعل اسم إله وثني عند البابليين). والهدف من كل هذا كان لكي ينسى دانيال أرضه وديانته ليقبل ديانة البابليين وعاداتهم.
كيف إذاً استطاع دانيال وسط هذه الظروف الصعبة والمضادة أن يعيش أميناً لله حتى أنه وُجِدَ بدون خطأ ولا ذنب (دانيال 6 : 4) ؟؟ حتى نستطيع الإجابة على هذا السؤال سنتطرق معاً إلى مواقف مختلفة من حياة هذا الرجل والتي تعلمنا مبادئ هامة نستطيع تطبيقها على حياتنا الشخصية.
أولاً: استطاع دانيال أن يبقى أميناً لله لأنه كان رجل مبدأ : نقرأ في الإصحاح الأول من سفر دانيال والعدد الثامن " أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ، فَطَلَبَ مِنْ رَئِيسِ الْخِصْيَانِ أَنْ لاَ يَتَنَجَّسَ." ففي القصر الملكي في بابل فُرض على دانيال أكل بعض الأنواع من الأطعمة والمشروبات التي كانت نجسة حسب الشريعة اليهودية إلّا أنه "جعل في قلبه" أي صمّم وأخذ قراراً واضحاً بدون تراجع أن لا يتنجس بما يقدمه له القصر الملكي البابلي. فقد كان رجل مبدأ واضح لا يتنازل عنه مهما كانت العواقب، وقد استمد مبادءه من كلمة الله.
ثانياً: استطاع دانيال أن يبقى أميناً لله لأنه كان رجل صلاة : نقرأ في الإصحاح الثاني من سفر دانيال أن الملك نبوخذنصر حلم حلماً وطلب من الحكماء في بابل إخباره بالحلم وتفسيره.وبعد أن لم يستطع أحد من الحكماء البابليين فعل ذلك غضب الملك وأمر بقتل جميع الحكماء في بابل. عندما سمع دانيال هذا الخبر ( إذ كان دانيال حينها من حكماء بابل) نقرأ في الأعداد 16-19 ما يلي: " فَدَخَلَ دَانِيآلُ وَطَلَبَ مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَقْتًا فَيُبَيِّنُ لِلْمَلِكِ التَّعْبِيرَ. حِينَئِذٍ مَضَى دَانِيآلُ إِلَى بَيْتِهِ، وَأَعْلَمَ حَنَنْيَا وَمِيشَائِيلَ وَعَزَرْيَا أَصْحَابَهُ بِالأَمْرِ، لِيَطْلُبُوا الْمَرَاحِمَ مِنْ قِبَلِ إِلهِ السَّمَاوَاتِ مِنْ جِهَةِ هذَا السِّرِّ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ دَانِيآلُ وَأَصْحَابُهُ مَعَ سَائِرِ حُكَمَاءِ بَابِلَ. حِينَئِذٍ لِدَانِيآلَ كُشِفَ السِّرُّ فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ. فَبَارَكَ دَانِيآلُ إِلهَ السَّمَاوَاتِ." أول ما فعله دانيال عند مواجهته لمثل هذا الظرف الصعب أنه توجه إلى الله بالصلاة. ولكن دانيال لم يتوجه إلى الله في الصلاة فقط في وقت الضيق إذ نقرأ في (دانيال 6 : 10) أن الصلاة بالنسبة له كانت عادة وأسلوب حياة .
ثالثاً: استطاع دانيال أن يبقى أميناً لله لأنه كان رجل إيمان: نقرأ في الإصحاح السادس من سفر دانيال أن الملك داريوس أصدر قراراً بأن كل من يصلي أو يطلب طلبة من أي إله أو شخص آخر غير الملك نفسه يُلقى في جب الأسود. عندما سمع دانيال ذلك لم يُطِع قرار الملك بل بقي أميناً وصلّى إلى الله كعادته ودون خوف لأنه آمن أن الله معه ولن يتركه . كان عمر دانيال هنا 80 سنة؛ فقد كان رجل مبدأ منذ المراهقة واستمر على مبدأه حتى الشيخوخة. وثق دانيال بالله وبمواعيده وآمن بها مما ساعده على أن يبقى أميناً حتى في وجه الموت!
لقد كان دانيال يتمتع بشخصية قوية ، شجاعاً ومتمسكاً بمبادئه بالرغم من كل الظروف التي كانت ضده. كما وكانت له علاقة حقيقية مع الله ويعيش حياة الصلاة والإيمان وسط جو يرفض فكرة وجود الله من الأساس. أفلا نتعلم منه ونحيا حياة الأمانة لله مهما كانت النتائج!
منقووووووووووووووووووووول