(23 ) عخان بن كرمي
كان عخان بن كرمي درساً قاسياً ينبغي أن يتعلمه الإسرائيليون وهم في الخطوات الأولى من أرض الموعد، وهذا الدرس أن الله لا يمقت شيئاً أو يكرهه، قدر مقته وكراهيته للخطية والشر، وأنه لا يتوانى عن العقاب، حيث توجد الخطية، والهزيمة غالبا ما تبدا من الداخل, فإذا كان الإنسان نقياً في داخله، فإن أسوار أريحا ستسقط دون أن يرتفع عليها شخص واحد، أو تمتد إليها يد بشرية، أما إذا جاء الفساد فإن عاي الصغيرة ستطارد المهاجمين، وتكون أكثر قدرة وقوة من أريحا الأقوى والأكبر.
معنى الاسم:
عخار أو غخان اسم عبرى معناه " مُكَدَّر " او " مُزعج " ( ويسمى أيضاً " عخار " في 1 أخ 2 : 7 )
وهو اسم عخان بن كرمي من نسل زارح بن يهوذا من ثامار كنته وقد مات رجما بالحجارة لأنه أخذ من الحرام عندما سقطت أريحا في يد بني إسرائيل ( يش 7 ). فقد رأي عخان في الغنيمة "رداءً شنعاريا نفسياً ومئتي شاقل فضة ولسان ذهب وزنة خمسون شاقلا, فاشتهاها وأخذها وطمرها في أرض خيمته " ( يش 7 : 21 ) .
الخطية تقود للانكسار:
وقد أدت هذه الخطية، وتعدى أمر الرب بتحريم مدينة أريحا وكل ما فيها ( يش 6 : 17 ) إلى هزيمة بنى إسرائيل أمام " عاي " المدينة الصغيرة فضرب أهل عاي منهم نحو ستة وثلاثين رجلاً " فذاب قلب الشعب .. فمزق يشوع ثيابه وسقط على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء، هو وشيوخ إسرائيل ووضعوا تراباً على رؤوسهم " وصلوا للرب، فقال الرب ليشوع . قم لماذا أنت ساقط على وجهك ؟ قد أخطأ إسرائيل بل تعدوا عهدي الذي أمرتهم به، بل أخذوا من الحرام بل سرقوا . في وسطك حرام يا إسرائيل، فلا تتمكن للثبوت أمام اعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم " ( يش 7 : 10 – 13 ) .
يشوع يكشف سبب الهزيمة
ولما ألقى يشوع القرعة لمعرفة سبب هذه الهزيمة أصابت القرعة عخان، فاعترف بخطيته وأرسل يشوع رسلاً ووجدوا ما سرقه عخان من الغنيمة مطموراً في خيمته، فأخذوها وأتوا بها إلى يشوع. وبسطوها أمام الرب " فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته. وكل ما له وجميع إسرائيل معه وصعدوا بهم إلى وادي عخور .. فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة. وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة " ( يش 7 : 24 و25).
لاحظ ان ما عمله الواحد ينسب الى الجماعة التى هو منها وقد يكون ذلك لمشاركته في الراى او لعدم الانتباه له وقد نسب يشوع الخيانة للشعب كله مع ان الذي خان هو عخان وذلك لان الشعب فى الحرب كانوا يعتبروا كشحض واحد فخيانة واحد تعتبر خيانة الجماعة .
والسؤال هنا ان كان عخان هو الذى اخطا فلماذا هلك هو ماله وبنيه وبناته ؟
ان كان عخان هو المخطى فلا شك ان أولاده كانوا شركاءه في المعصية بسبب سكوتهم عن الأمر الذي فعله أبوهم ولو لم يعرفوا هذا الأمر أمر الخيانة ما كان الله عقابهم. ويعلمنا الكتاب " اذا رايت سارقا وافقته و مع الزناة نصيبك " (مز 50 : 18) " من يقاسم سارقا يبغض نفسه يسمع اللعن و لا يقر" (ام 29 : 24)
دروس لحياتنا اليومية:
1ـ يقول الله ليشوع "قم" مرتين، في الأولى: "قم لماذا أنت ساقط على وجهك"، وفي الأخرى: "قم قدس الشعب" لم يرد الله لوم يشوع ولكن بمعنى اشفق على نفسك وكان الله لا يريد ان يطيل ذلك اى إلى متى انت ساقط.
2ـ إن الخاطىء يضر بخطيته نفسه وغيره فعخان ضر بخيانته نفسه وأهله وشعبه.
3ـ إن الخطية خادعه فان الخاطى يرى فيها حلاوه ولكنه بعد ارتكابها يذوق شدة مرارتها. إن الشهوة تلد خطية والخطية تلد موتا.
4ـ عخان احتقر الرب بخطيته " كأنه قال الله لا يعلم ولا يرى " وغير ذلك تعدى على عهد الرب.
5ـ إن كان دخول الحرام في وسطنا هو سرّ هزيمتنا فالعلاج يحمل جانبين متكاملين : إبادة الحرام من وسطنا،اقتناء القداسة، لا يكفي الجانب السلبي وهو نزع الشر وإنما يلزم العمل الإيجابي وهو نعيش حياة القداسة . لذا يقول الله ليشوع أن يبيد الحرام وأن يقوم فيُقدس الشعب.
6ـ صار عخان درسًا للكنيسة كلها عبر الأجيال، من جهة كشف أن سرّ الهزيمة في حياة المؤمن أو الجماعة هو "الحرام" الذي يجد له موضعًا في وسطنا ! ومن جهة أخرى صار عبرة لكل من يخطئ.فالخطية تبقى تذكار عار لمرتكبها.
7ـ كثيرا ما يقاوم الإنسان التجربه الكبيرة ويسقط فى الصغيرة فان عخان عبر الأردن ودار حول اريحا ولم يخف من الحرب ولم يعصى أمر القائد ولكنه في تجربة اشتهاء الرداء والفضة والذهب.
اعداد القس/ هانى كرم عطية
راعى كنيسة الايمان بمنهرى