آية كثيراً ما تسمعها لكن هل تفهمها؟
قال الرب لقايين بعد أن رفض قربانه: تك4: 6-7
«لماذا اغتظت؟ ولماذا سقط وجهك؟ إن أحسنت أفلا رفع؟ وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها"
فما المقصود بعبارة: "إن أحسنت أفلا رفع"؟ وما هي الخطية الرابضة؟ وكيف يشتاق إليها؟ وكيف يسود عليها؟ وعند الإجابة على هذه الأسئلة نجد دروس وتعاليم روحية رائعة لحياتنا وهي:
1- الله في محبته ينبهنا للخطية بعد ارتكابها لكي نتوب عنها:
بعد أن رفض الرب قربان قايين، يقول الوحي: "فاغتاظ قايين جداً وسقط وجهه" (تك4: 5). والمقصود أنه اغتاظ من الله لأنه لم يجد قبولاً لديه. واغتاظ من هابيل وامتلأ بالحقد والكراهية نحوه لأنه نال رضا الله، وبالتالي سينال رضا والديه أيضاً. وسقط وجهه بسبب الشعور بالخيبة والفشل والعار والحزن. ولكن الرب في حنانه ولطفه ومحبته ورحمته نحو قايين، لم يتركه لحماقته وظلام فكره، فأتى إليه وسأله سؤالين في غاية الأهمية: لماذا اغتظت؟ ولماذا سقط وجهك؟
وقد كان الرب يريد بهذين السؤالين أن يجعل قايين يحلل المشكلة، ويواجه نفسه، ويستنتج أسباب رفض الله لقربانه، ويدرك بشاعة خطيته، ويعلم أنه هو المسئول الأول عن رفض الله لتقدماته، وأنه هو وحده سبب سقوط وجهه. لقد كان الله بنعمته يريد أن يحضره إلى التوبة. لكن للأسف استسلم قايين لغيظه، وبدلاً من أن يفحص نفسه ويعترف بخطيته، وجه اللوم إلى الله وإلى أخيه.
عزيزي: إن الله في رحمته ينبهنا للخطية بعد ارتكابها لكي نتوب عنها، وطوبى لمن يسمع لصوته.
2- الله في نعمته يقدم لنا طريق الشفاء من الخطية:
بعد أن سأل الرب قايين السؤالين: لماذا اغتظت؟ ولماذا سقط وجهك؟ قال له: "إن أحسنت أفلا رفع؟" أي إن أحسنت التعامل مع السقطة الأولى بمعرفة أسبابها، وبالتوبة والرجوع إلى الله، وإن أحسنت سلوكك وتصرفاتك بأن تطلب من الرب أن يغير حياتك، بدلاً من الشعور بالغيظ والحقد والكراهية نحو أخيك والتخطيط لقتله، وإن أحسنت اختيار قربانك الذي تقدمه للرب إلهك "أفلا رفع" أي رفع للذبيحة، بمعنى ستجد القبول، ورفع لوجهك ومركزك أمام الله لأنك ستنال الرضا. وهي ترد في بعض الترجمات الأخرى كالآتي:
كتاب الحياة: "لو أحسنت في تصرفك ألا يشرق وجهك فرحاً؟".
الترجمة العربية المشتركة: "إذا أحسنت عملاً، رفعت شأنك"
وكأن الله يقول له: يا قايين هناك علاج للخطية، هناك شفاء لوجهك الذي سقط، فتستطيع أن تستعيد البسمة والكرامة، وتنال القبول والرضا.
3- الله في محبته يحذرنا قبل ارتكاب الخطية لكي نتجنبها:
ويواصل الرب حديثه مع قايين قائلاً: "وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها".
"وإن لم تحسن" أي إن لم تتعامل مع "السقطة" الأولى بحكمة وجدية ستكون السقطة الثانية أصعب وأشد، فهذه هي طبيعة الشر. فالخطية تجر في أذيالها خطايا أخرى أشد وأصعب. لذلك إن لم تندم وتطلب غفران الله ونعمته فعند خروجك من البيت "خطية رابضة وإليك اشتياقها". وهنا يشبه الخطية بالوحش المفترس المهيأ للانطلاق الذي سيفتك به، ويهدم حياته إن لم يحسن.
"وإليك اشتياقها" أى إن هذه الخطية التي تنتظرك عند الباب تتشوق وتتلهف إليك لتنفيذ مخططك وبسرعة لقتل هابيل أخيك.
وهي ترد في الترجمات الأخرى كالآتي:
كتاب الحياة: "وإن لم تحسن التصرف، فعند الباب خطيئة تنتظرك، تتشوق أن تتسلط عليك".
الترجمة العربية المشتركة: "وإذا لم تحسن عملاً، فالخطية رابضة بالباب وهي تتلهف إليك".
4- تستطيع أن تنتصر على الخطية:
ويستكمل الرب قائلاً: "وأنت تسود عليها"، أي أن هذه الخطية التي تنتظرك، أو هذا الشر الكامن في صدرك، تستطيع الانتصار عليه، إن طلبت العون من الله، إن استندت على رحمته ونعمته. وهذه العبارة ترد في الترجمات الأخرى كالآتي:
كتاب الحياة: "لكن يجب أن تتحكم فيها".
الترجمة العربية المشتركة: "وعليك أن تسود عليها"..
عزيزي القارئ: إن الرب يعطينا كل مؤهلات الانتصار على الخطية، فقط عليك أن تتمسك به، وتجعل عينيك عليه على الدوام.